الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
أسلوب التدريس / المعلم واستخدام العقاب
المؤلف:
أ. د. عبد الكريم بكَار
المصدر:
حول التربية والتعليم
الجزء والصفحة:
ص 193 ــ 197
2025-07-20
44
العلاقة بين أسلوب التدريس والمعلومات التي يقدمها المعلم خلال الدرس، هي من نوع العلاقة بين الشكل والمضمون، وقيمة الأشياء ـ على نسب متفاوتة - من الشكل والمضمون معاً، وفي الحديث: (إن من البيان لسحراً)، إن التدريس هو فن إيصال المعلومة للطالب، والنجاح فيه، وإن كان يقوم على امتلاك قدر مناسب من المعلومات إلا أن الجانب المهاري فيه؛ ذو أهمية بالغة. وقد رأينا كثيراً من المعلمين الذين يملكون من المعرفة ما هو مطلوب، لكن لم ينجحوا في عملهم، كما رأينا منهم من يعد ناجحاً مع قلة بضاعته من العلم في المواد التي يدرسها؛ لأنه يملك ما يتطلبه الموقف التعليمي من مهارة وعتاد.
إن أسلوب الرجل، هو الرجل نفسه، ولا ينطبق هذا على شيء کانطباقه على مهنة التعليم، فالبراعة في أداء الدرس، لا تعتمد على البيان وحده، كما لا تعتمد على المعلومات وحدها، ولا على شكل المدرس، أو طريقة تعامله مع طلابه، وإنما هي عصارة فكر المعلم وثقافته وروحه وأحاسيسه وذوقه وحسن تصرفه؛ ومن نوعية هذه العصارة يكون أداء المدرس في عمله.
نحن لا نريد هنا أن نلج في تفاصيل الأسلوب التعليمي الناجح، فنحن لا نكتب في هذه السلسلة لأهل الاختصاص، وإنما نريد أن نقدم بعض الإضاءات التي نظن أنها ترفع من سوية الوعي العام في المسائل التي نطرقها.
* استخدام العقاب من قبل المعلمين في ضبط سلوك الطلاب وحملهم على أداء واجباتهم، من أكثر القضايا المثيرة للجدل في دول العالم كافة. ونحب أن نقدم حول هذه المسألة المهمة الإضاءات التالية:
1- لأسباب عديدة، لا تخفى على القارئ النبيه، سيكون سلوك الطلاب في المدارس وأداؤهم لواجباتهم، وعلاقتهم مع أساتذتهم وزملائهم غير متجانس؛ ولذا فإن علينا دائماً أن نتوقع منهم ما يسر، وما يسوء، وأن نسمع ونرى الملائم وغير الملائم في بعض الأحيان تكون الظروف التعليمية في المدرسة سيئة، فتدفع الطلاب إلى الفوضى وسوء السلوك دفعاً، الأعداد الكبيرة في الفصل، تجعل معرفة المسيء عسيرة على المدرسة، فيغري ذلك بعض الطلاب بالمزيد من الإساءة. كما تجعل تكوين تصورات واضحة عنهم، وبناء علاقات جيدة معهم أمراً شاقاً، ضيق أماكن الدراسة، وممرات المدرسة، يؤدي إلى الزحام، ويثير بالتالي العدوانية. قلة الأنشطة غير المنهجية، وحرص الإدارة الشديد على ضبط إيقاع الحركة في المدرسة، مما يدفع إلى السلبية وسوء الخلق. ضعف شخصية المعلم، وسوء إدارته للفصل، وعدم تمكنه من المادة التي يدرسها، كل ذلك يؤدي إلى استهانة الطلاب به، ومحاولة معاكسته...
ب- إن المعلم الجيد يذهب إلى عمله حاملاً معه عقائد إيجابية عن طاقة أبناء البشر وإمكاناتهم، وعن أهداف التعليم وقيمته، وقيمة نسيان الذات في سبيل قضية مهمة (1)، هذه الرؤية ستمنح المدرس البصيرة التي يحتاج إليها في موقفه من طلابه، وفي أدائه لعمله وتحمله لمشكلاته.
إن الأساس في العملية التعليمية هو الرغبة، وليس الخوف والأعمال الحضارية العظيمة، لا تقوم على الخوف والتوجس والمنع والتهديد، وإنما تقوم على الإيمان والحب والشغف والأمل والعمل والمبادرة الذاتية والتضحية. الحدود والعقوبات من وجهة نظر الشريعة الغراء لا تنشئ مجتمعاً لكنها تحميه، وهي لم تشرع إلا لردع من فاتته التنشئة الاجتماعية الصحيحة، ولذا فإنها لم تحتل من الكتاب العزيز سوى مساحة ضيقة جداً، وهكذا العقوبات المعنوية والإدارية والمادية، لا يمكن أن تكون أسلوباً دائماً، ولا أساساً مكيناً في نجاح العملية التعليمية، ونقل المعرفة والخبرة من جيل إلى جيل.
بعض المعلمين لا يرشد الطلاب إلى ما يجب أن يعملوه، ولا إلى كيفية عمله، ولا إلى السلوك الذي يجب أن يسلكوه، فإذا وقع أحدهم في خطأ، نهاه أو عاقبه، غير منتبه إلى أنه لم يقم بما عليه أن يقوم به من الإرشاد والتوجيه. فريق آخر من المعلمين يفتقر إلى الحزم في أسلوب تعامله مع طلابه، مما يعطيهم انطباعات خاطئة عنه، ويدفعهم إلى التهاون بتعليماته، وإساءة الأدب معه، مما يضطره إلى إنزال العقوبات بهم. ولو استخدم الحزم المطلوب لما لجأ إلى العقوبة إلا قليلاً.
ج- إذا كان العقاب لا يوجد متعلماً، وإنما يحميه، فإن علينا أن ندرس بعناية الأسباب التي تولد ضعف بواعث التعلم لدى الطلاب، وتدفعهم إلى السلوك السيئ؛ فالمدرسة لا تتعامل مع آلة، وإنما مع كائن حي له رغباته وطموحاته ونزواته ومشكلاته؛ وعليها أن تتحسس كل ذلك، وتحاول توفير الأجواء التي تساعد على التعليم واكتساب الخبرات والمهارات. وبما أن تحقيق هذا سيظل مشوباً ببعض القصور؛ فإن علينا أن نستشعر أن جزءاً من مشكلات الطلاب تقع مسؤوليته علينا، ولذا فإن الطالب في هذه الحالة، يستحق الرحمة والتعاطف والمساندة.
بعد كل هذا فهل يمكن للعملية التعليمية أن تسير في كل حين دون استخدام أي نوع من العقاب؟
لا أعتقد أن ذلك ممكن؛ ولذا فإن علينا عند إيقاع العقاب مراعاة ما يلي:
- العقاب البدني ينبغي أن يوكل إلى جهة واحدة مثل المدير أو الوكيل حتى نضمن سلامة استخدامه، وحتى لا نهدم العلاقة بين المعلم والطالب.
ولا ينبغي استخدامه عند أول خطأ يقع، فالتهديد بالعقوبة له ردع أقوى من العقوبة نفسها لدى بعض الناس. وقد قال احدهم لمؤدب ولده: (تهددهم بي، وأدبهم دوني، وكن لهم كالطبيب الذي لا يعمل بالدواء حتى يعرف الداء).
- إذا كنا نسعى إلى تحبيب الطلاب بالمدرسة، فلا ينبغي ربط أي شكل من أشكال العقاب بالبقاء فيها؛ فلا نقول للطالب: إذا فعلت كذا فلن تغادر المدرسة إلا بعد العصر، أو ستكتب هذا الدرس عشرين مرة قبل أن تغادرها.
ـ حين توفر المدارس الحوافز المعنوية والمادية للطلاب المتميزين فإنه سيكون أمامها هامش جيد، يحول دون استخدام العقاب البدني وغيره، فحرمان الطالب من جائزة أو هدية تعطى للعديد من زملائه، يكفي لإشعاره بالتقصير، ويوصل إليه رسالة عتاب، يفهمها كل طالب في العادة.
ـ لا بد من تعاون أسرة الطالب مع المدرسة في تقويمه وتوجيهه، والملموس أن استدعاء ولي الأمر إلى المدرسة، ومناقشة وضع الطالب معه من الوسائل الناجعة في تأديب الطالب وإصلاحه؛ إذ قد يكون السبب في الانحراف والتقصير هو سوء فهم المدرسة للخلفية الثقافية والأسرية للطالب. وقد تكون الأسرة هي السبب في وضعية ابنها، وباجتماع الطرفين توضع النقاط على الحروف.
ـ العقاب البدني بحاجة إلى تقنين، فلا يصح ضرب الطالب على وجهه، ولا يصح ضربه ضرباً مؤذياً، لا يستطيع احتماله. كما لا تصح معاقبته بعقوبة السجن في حجرة من حجر المدرسة؛ لأن هذا يجعله يظهر بمظهر المجرم. ومع قلة فائدة القوانين الضابطة لهذه المسألة إلا أن وجودها يعطي بعض المؤشرات، ويوجد مرجعية معينة. حين نعتقد أن العقاب البدني، هو أشبه شيء بالتداخل الجراحي؛ فإننا سنقتصد في استعماله، وإذا استعملناه، استعملناه بحذر وحكمة.
ـ هناك إغراءات كثيرة، تدعو (المعلم) إلى استخدام أسلوب التهكم والسخرية في عقوبة طلابه، ويجب أن يكون الحذر شديداً في هذا الأمر؛ فربما نبذ المعلم الطالب بلقب قبيح، يلازمه طوال الحياة. وربما آذاه بذم أسرته أو قبيلته أو أهل بلده، فيقع بذلك في الظلم، ويثير مشاعر عنصرية، ويسبب للطالب ضرراً نفسياً بالغاً.
كلما ارتقى الإنسان كان تأثير العقاب المعنوي فيه أشد؛ والأسر المحطمة والجاهلة هي التي تعتمد استخدام العقاب البدني. وبسبب ارتقاء نوعية الحياة الاجتماعية، صار استخدام السخرية والاستهزاء غير مقبول، فلنحاول أن نعرض عنه، وأن نشوب ما نضطر إليه من عقاب بإظهار الحرص على تعليم الطالب ونفعه؛ حتى لا نثير فيه مشاعر البغضاء والانتقام.
إضاءة: إن التعليم الذي لا يتحسن مثل الطفل الذي لا ينمو؛ كلاهما يعاني من مشكلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ المعلم أمة في واحد: 21.
الاكثر قراءة في التربية العلمية والفكرية والثقافية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
